
ساويرس .. قضية الطفل ياسين .. الداخلية .. وجه اللواء رأفت الشرقاوي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، رسالة إنسانية مؤثرة إلى المجتمع الدولي، عبّر فيها عن حجم الألم الذي شعر به الشعب المصري بأكمله عقب حادث الاعتداء الأليم الذي تعرض له الطفل “ياسين”، التلميذ في مدرسة الكرمة الخاصة بمحافظة البحيرة – مدينة دمنهور. وقد أكد الشرقاوي أن الصدمة كانت هائلة، ليس فقط لكون الضحية طفلًا بريئًا في عمر الزهور، ولكن أيضًا بسبب فظاعة الجُرم وكون مرتكبه رجلًا مسنًا تجاوز الثمانين عامًا، وهو ما يزيد من بشاعة الحادث ويفاقم الشعور بالرفض المجتمعي التام لهذا الفعل المشين، الذي يتعارض مع الفطرة الإنسانية السليمة وكل القيم التي نشأ عليها المصريون.
تعليق نجيب ساويرس وموقف داعم للعدالة
وفي السياق ذاته، أعرب رجل الأعمال نجيب ساويرس عن سعادته بالحكم القضائي الصادر بحق المتهم في القضية، مؤكدًا أن الحكم يمثل انتصارًا للعدالة والانتصار لقيم القانون والإنصاف، وكتب على حسابه الشخصي بموقع “إكس” أن ما حدث يمثل فرحة لكل المصريين، ومباركًا للأم البطلة، ومؤكدًا أن إقامة العدل وتطبيق القانون هما الأساس الحقيقي لاستقرار الأوطان.
رفض التحريض الطائفي وتأكيد وحدة الصف المصري
ومع تصاعد التفاعل الشعبي والإعلامي حول القضية، ظهرت بعض الأصوات التي حاولت توظيف الحادث المؤلم في إطار طائفي مرفوض. وقد حذّر اللواء الشرقاوي من خطورة هذه المحاولات، مؤكدًا أن الشعب المصري رفض بالإجماع الجريمة كما رفض الجاني، وأنه لا يوجد مكان في مصر للفتنة أو التحريض. وأكد أن استغلال الواقعة لإشعال الأزمات الطائفية أو المجتمعية لا يخدم إلا أعداء الوطن، مشددًا على أهمية التكاتف الوطني في مثل هذه القضايا الحساسة.
حكم قضائي حاسم وإغلاق صفحة الألم
قضت محكمة جنايات دمنهور – الدائرة الأولى – المنعقدة بمحكمة إيتاي البارود، بالسجن المؤبد على المتهم صبري ك.ج.ا، البالغ من العمر 79 عامًا، والذي كان يشغل منصب مراقب مالي بإحدى المدارس الخاصة للغات بمدينة دمنهور، وذلك بعد إدانته بارتكاب جناية هتك عرض الطفل ياسين داخل المدرسة. وجاء هذا الحكم بعد إحالة القضية من النيابة العامة، والتي أكدت في قرارها أن المتهم ارتكب الجريمة المعاقب عليها وفقًا للمادة 261 من قانون العقوبات. وبعد الاطلاع على المواد المنظمة من قانون الإجراءات الجنائية، تم اتخاذ القرار بإحالته لمحكمة الجنايات.
أبعاد إنسانية وجنائية في قضية صدمت الرأي العام
أشعلت القضية الرأي العام في محافظة البحيرة، وسط حالة من الغضب والاستياء الشديدين بين الأهالي، عقب الكشف عن تكرار الاعتداءات الجنسية التي تعرض لها الطفل داخل المدرسة. ووفقًا للتحقيقات، وقعت الجرائم في أماكن متعددة داخل أسوار المدرسة، من بينها دورات المياه والجراج، وبمساعدة إحدى العاملات. وتم الإبلاغ عن الواقعة من قبل ولي أمر الطفل، لتباشر النيابة العامة التحقيقات التي انتهت بإحالة المتهم إلى المحاكمة الجنائية.
موقف المدرسة وتوضيحات حول علاقة المتهم بالمؤسسة التعليمية
من جانبها، أوضحت وفاء إدوارد، مديرة المدرسة، في مداخلة تلفزيونية، أن المتهم لم يكن يعمل ضمن القوة الرسمية للمدرسة، بل يتبع مطرانية البحيرة، وكان دوره يقتصر على مراجعة الشؤون المالية الخاصة بالمطرانية فقط، مؤكدة أن لا علاقة له بالطلاب أو بالتدريس أو النشاطات التربوية داخل المدرسة. وأكدت أنها خضعت للتحقيق أكثر من مرة وتم الاستماع إلى أقوالها، وانتهت النيابة إلى تبرئتها في كل مرة، مشددة على احترامها الكامل للعدالة وثقتها في نزاهة القضاء المصري.

جهود المحامي والطريق إلى العدالة
وكشف المحامي عصام مهنا، الموكل من أسرة الطفل ياسين، في تصريحات إعلامية، عن كواليس القضية منذ بدايتها. وأوضح أن تقرير الطب الشرعي أثبت وجود اعتداء جنسي متكرر على الطفل، إلا أن النيابة العامة قررت حفظ القضية لعدم كفاية الأدلة في البداية. وعلى إثر ذلك، تقدم المحامي بتظلم للنائب العام، والذي قرر بدوره إعادة فتح التحقيق وإجراء مواجهة مباشرة بين المتهم والطفل. وعلى الرغم من تعرّف الطفل على المتهم في الجولتين الأولى والثانية من المواجهة، فقد جاءت النتيجة متباينة لاحقًا نتيجة تغيير في شكل المتهم (مثل خلع النظارات أو تغييرات في الملبس). وعلى هذا الأساس، استخدم الدفاع المادة 167 من قانون الإجراءات الجنائية، والتي تتيح للمجني عليه الطعن على قرار النيابة بالحفظ.
وبالفعل تم قبول الطعن وأحيلت القضية إلى محكمة الجنايات التي ألغت قرار النيابة وأعادت فتح ملف القضية، وأصدرت حكمها الصارم بالسجن المؤبد على المتهم.
التوعية والرقابة ضرورة لحماية الأطفال
أكد اللواء الشرقاوي في ختام تصريحاته على أن مثل هذه القضايا ينبغي أن تُغلق قانونيًا، ولكن لا يجب أن تُنسى مجتمعيًا، بل يجب أن تكون دافعًا لتكثيف برامج التوعية للأطفال والأسر، وتفعيل الرقابة داخل المؤسسات التعليمية، ووضع ضوابط صارمة للتعامل مع الأطفال. فمثل هذه الجرائم لا تحدث إلا بوجود نفوس مريضة لا تعرف القيم ولا تملك رادعًا من ضمير أو دين، وهي تستغل براءة الأطفال وشهواتها المنحرفة لتحقيق رغبات شاذة.