
الإيجار القديم ..شهدت الساعات الأخيرة تطورات مهمة في مسار مناقشات مشروع قانون الإيجار القديم الذي يشغل بال ملايين المصريين منذ عقود. حيث ظهرت معارضة قوية من نواب البرلمان لبعض بنود المشروع، خاصة تلك المتعلقة بزيادة قيمة الإيجار والمدة المقترحة لتحرير العلاقة بين المالك والمستأجر.
وقد أثارت هذه المناقشات ردود فعل متباينة بين مختلف الأطراف المعنية، حيث يرى البعض أن المشروع يحقق العدالة للملاك بعد سنوات من الإيجارات المجمدة، بينما يحذر آخرون من تداعيات اجتماعية خطيرة قد تنتج عن التطبيق المفاجئ لهذه التعديلات.
موقف الحكومة ورؤية رئيس الوزراء
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن الحكومة تتعامل بحذر بالغ مع ملف الإيجار القديم الذي يمتد لأكثر من 60 عاماً. وأوضح خلال المؤتمر الصحفي الذي عقب اجتماع الحكومة الأسبوعي أن الهدف هو تحقيق توازن عادل بين حقوق الملاك والمستأجرين دون انحياز لأي طرف.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن مجلس النواب يخوض حالياً حواراً مجتمعياً موسعاً مع جميع الأطراف المعنية لمناقشة مسودة القانون الجديد. كما وجه التحية لرئيس مجلس النواب الدكتور حنفي جبالي، مؤكداً أن الحكومة ستوافق على ما يتم التوافق عليه داخل أروقة البرلمان.
أبرز بنود المشروع المثير للجدل
الزيادات الإيجارية المقترحة
ينص المشروع على زيادة القيمة الإيجارية للأماكن السكنية إلى 20 ضعف القيمة الحالية، مع تحديد حد أدنى 1000 جنيه شهرياً في المدن و500 جنيه في القرى. أما الأماكن غير السكنية فستشهد زيادة بمقدار 5 أضعاف القيمة الحالية.
الجدول الزمني لتحرير العقود
تقترح المادة الخامسة إنهاء جميع عقود الإيجار القديمة خلال خمس سنوات من تاريخ سريان القانون، ما لم يتفق الطرفان على إنهائها قبل ذلك. مع إلزام المستأجر بإخلاء الوحدة عند انتهاء المدة، وإلا يكون للمالك الحق في الحصول على أمر بالإخلاء عبر القضاء.
الضمانات للمستأجرين
يتضمن المشروع آلية لدعم المستأجرين المتأثرين بالتعديلات، حيث يمنحهم أولوية في الحصول على وحدات سكنية بديلة (إيجار أو تمليك) من وحدات الدولة المتاحة، مع إنشاء بوابة إلكترونية لتلقي الطلبات خلال ثلاثة أشهر.
ردود الفعل والاعتراضات البرلمانية
مخاوف من تداعيات اجتماعية
أعرب العديد من النواب عن قلقهم من الآثار الاجتماعية المحتملة للزيادات الإيجارية الكبيرة. حيث حذرت النائبة ضحي عاصي من أن بعض الحالات قد تشهد ارتفاعاً في الإيجار إلى 4000 أو 8000 جنيه شهرياً، وهو ما لا تستطيع العديد من الأسر تحمله.
مقترحات بديلة
طرح البرلمانيون عدة بدائل منها:
وضع سقف أعلى للزيادات الإيجارية
ربط الزيادات بمعدل التضخم الرسمي
تمديد الفترة الانتقالية إلى عشر سنوات بدلاً من خمس
إنشاء صندوق حكومي لدعم المستأجرين غير القادرين
النائب إيهاب رمزي يقدم مقترح تعويض المستأجرين
تقدم الدكتور إيهاب رمزي، عضو لجنة الشئون الدستورية، بمقترح يسمح بإنهاء العلاقة الإيجارية خلال السنوات الثلاث الأولى مع حصول المستأجر على تعويض يعادل 25% من القيمة السوقية للوحدة. وهذا من شأنه تمكين المستأجرين من شراء أو استئجار وحدات جديدة.

تحذيرات قانونية ودستورية
انتقادات من خبراء القانون
انتقد الدكتور محمد سيد خليفة، أستاذ القانون المدني، المادة الخامسة التي تنهي العلاقة الإيجارية، معتبراً أنها تتعارض مع أحكام المحكمة الدستورية التي أكدت صحة العقود القائمة. وأشار إلى أن المستأجرين استفادوا بمزايا قانونية مشروعة ولا يجوز معاقبتهم عليها.
تحذير من عواقب عدم إصدار القانون
حذر المستشار محمود فوزي، وزير الشئون النيابية، من أن عدم إصدار القانون سيؤدي إلى فسخ العقود الإيجارية القديمة فوراً بمجرد صدور حكم قضائي في كل دعوى، وذلك استناداً إلى حكم المحكمة الدستورية الذي اعتبر تثبيت الإيجار مخالفاً للدستور.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للأزمة
إحصاءات صادمة
كشفت بيانات رسمية أن:
36% من أسر الإيجار القديم تدفع أقل من 50 جنيهاً شهرياً
بعض العقود تتضمن إيجارات زهيدة تصل إلى 175 قرشاً شهرياً
يوجد نحو 1.6 مليون أسرة تعيش في وحدات بالإيجار القديم
450 ألف وحدة سكنية مغلقة بسبب النزاعات حول الإيجار
فرص اقتصادية ضائعة
يرى مؤيدو التعديلات أن تحرير سوق الإيجار سيمكن من:
إعادة 450 ألف وحدة مغلقة إلى السوق العقاري
زيادة الإيرادات الضريبية للدولة
تحفيز الاستثمار في قطاع الإسكان
تحقيق عدالة أكبر للملاك الذين عانوا لعقود من إيجارات مجمدة
رؤى مستقبلية وحلول مقترحة
مقترحات لتعديل المشروع
طرحت عدة أفكار لتطوير المشروع منها:
زيادة تدريجية على مراحل أطول
استثناء الحالات الإنسانية والاجتماعية
تقييم فردي لكل حالة على حدة
توفير وحدات بديلة بأسعار مناسبة
دعم حكومي للأسر محدودة الدخل
دور الدولة في التخفيف من الآثار
أكد وزير الإسكان أن الدولة لن “تترك أحداً في الشارع”، مشيراً إلى دراسة توفير وحدات سكنية بديلة خلال الفترة الانتقالية. كما أشار إلى إمكانية تعديل المواد وفقاً لمقترحات النواب، خاصة فيما يتعلق بالحالات الإنسانية.