
في الأسبوع القادم، تفتح العاصمة الأميركية واشنطن أبوابها أمام لحظة محورية في مستقبل سوريا. وفد سوري رفيع المستوى يتجه لحضور اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، في أول اختبار حقيقي لقدرة القيادة الجديدة في دمشق على كسب الثقة الدولية وإعادة التموضع داخل النظام العالمي، سياسياً واقتصادياً.
ورغم أن الاجتماعات تبدو في ظاهرها اقتصادية وتقنية، إلا أنها تحمل في طياتها إشارات سياسية بالغة الأهمية، أبرزها تحركات السعودية الهادئة. فقد بادرت الرياض إلى تسديد ديون سوريا المتراكمة للبنك الدولي، والتي بلغت 15 مليون دولار، وهو ما يمكن اعتباره أكثر من مجرد دعم مالي: إنه ضوء أخضر سياسي لبدء مرحلة إعادة إعمار جديّة، تؤطرها مائدة مستديرة بمشاركة وزراء مالية دول مجموعة السبع ومديرة صندوق النقد الدولي.
لكنّ الإعمار لا يمكن أن يبدأ من دون ثقة -والثقة لا تولد في مناخ من العقوبات والغموض السياسي. فلا مستثمر جاد سيضخ مئات الملايين في بنية تحتية مهترئة إن كان معرضاً لعقوبات أميركية في أي لحظة. لذلك، فإن رفع العقوبات -أو على الأقل التمهيد الجاد لرفعها – هو مفتاح إعادة الحياة الاقتصادية لسوريا.
محافظ البنك المركزي السوري، عبد القادر حصريّة، أعلن صراحة أن هدفه في واشنطن هو العمل على إعادة دمج بلاده في النظام المالي العالمي.
وتعد هذه رسالة واضحة: سوريا لا تبحث عن صدقات، بل عن شراكة اقتصادية حقيقية، تؤسس لاستقرار طويل الأمد.
أما عبد الله الدردري الأمين العام المساعد لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي – وهو صوت يحظى بالاحترام في مجال التنمية الإقليمية- أكد بدوره على هذا الإلحاح. سوريا، بحسب قوله، تحتاج لعشرات المليارات من الاستثمارات لمجرد تحقيق الاستقرار.